فضاء حر

أولياء الله الفاسدون ..أولياء الله الثائرون

مثلما نرى عامة الناس يتمسحون ويتبرّكون بالأولياء الصالحين نرى خاصتهم يتمسّحون ويتبرّكون بالأولياء الفاسدين.

ومثلما يعتقد عامة الناس وأكثرهم جهلاً بأن الولي الصالح يضر وينفع، يعتقد خاصتهم وأكثرهم علماً بأن الولي الفاسد مثله مثل الولي الصالح يضر وينفع.

وكما يقدم الفقراء النذور للأولياء الصالحين للتوسل بهم في قضاء حاجاتهم

نجد الأغنياء والتجار وأصحاب الحاجات والمعاملات يقدمون النذور للأولياء الفاسدين على شكل هدايا ورشوات .

ولو تأملنا في طبيعة الفساد الحاكم في بلادنا وفي البلدان العربية

سنجد أن للفساد طرقاً أشبه ما تكون بالطرق الصوفية، وأن لشيوخ هذه الطرق من المكانة والهيبة في نفوس عامة الناس وخاصتهم مثلما كان لشيوخ الطرق الصوفية.

وفي ما يتعلق بالفساد في اليمن فيمكن القول إنه منذ إعلان التعددية في عام 1990 انتعش الفساد وتمدّد وتعدّد وظهرت طرق للفساد بعدد الفاسدين وصار لكل شيخ طريقةٍ طريقته وأنصاره ومريدوه الذين يُسبّحون باسمه في مجالس الذكر ويتحدثون عن هبراته وهبشاته وعن صفقاته وسرقاته باعتبارها دليلاً على مواهبه وقدراته وعلى كراماته وتجلياّته .

وبعد أن غدا الفساد علنياً وغدا الفاسد ولياً من أولياء الله الصالحين .. قدّس اليمنيون الفاسدين فصاروا يتمسحون ويتبركون ويتوددون لكل فاسد مهما صغر شأنه.

بعدئذ، وقد بلغ الفساد ذروته وأضحى ديناً رسمياً للبلاد كان لابد من إقامة معبد له أو كنيسة، فكان تشكيل الهيئة العامة لعباده الفساد، وجاء تشكيلها ليثبت أن الفساد من الثوابت وأنه وحده الثابت والمقدس.

وهذا ما أثبتته الأيام.

ثار الشباب باعتبارهم أول ضحايا الفساد وخرج الناس إلى الساحات والميادين يتمسحون ويتبركون بشباب الثورة وثورة الشباب .

غير أن أقطاب وشيوخ طرق الفساد وغيرهم من أولياء الله الفاسدين أعلنوا انضمامهم للثورة وأفسدوا على الشباب ثورتهم.

حينها أصبح أولياء الله الفاسدون هم الثوار وهم حماة الثورة

وهم أولياء الله الثائرون .


المصدر: اليمن اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى